متصفحي مدونتنا الكرام تحية طيبة,كما لا يخفى عليكم تعاني العديد من الدول العربية من تدني مستوى التعليم , وقد وجدت بعض هذه الدول بديلا ممتازا جعلها ترقى بمستويات متعلميها وطلبتها خصوصا فلسطين الحبيبة وتركيا وحتى بعض دول الخليج ,هذا البديل يتمثل في ثورة الخرائط الدهنية الذي تبنته في وقت سابق كل من كندا والولايات المتحدة وجل دول أروبا وآسيا .وسعيا منا في مواكبة هذه الثورة المعرفية فكرت في البحث عن السند البيداغوجي والنظري الذي ترتكز عليه.
النظريات التي تستند إليها استراتيجية الخرائط الذهنية |
إن الخرائط الذهنية هي تقنية لإعادة تمثيل المعرفة عن طريق تنظيمها في مخطط شبكي غير خطي، ويرى كثير من الباحثين أن هذه التقنية متسقة مع النظرية البنائية في التعليم، والتي تؤكد بأن الأفراد يبنون فهمهم أو معرفتهم الجديدة من خلال التفاعل بين معرفتهم السابقة وبين الأفكار والأحداث التي هم بصدد تعلمها. ويرى معظم منظري النظرية البنائية ،أن جان بياجيه هو واضع اللبنات الأولى لها، فقد وضع بياجيه نظرية متكاملة حول النمو المعرفي. ويرى أن عملية المعرفة تكمن في بناء أو إعادة بناء موضوع المعرفة .
والتعلم المعرفي عند بياجيه هو عملية تنظيم ذاتية للأبنية المعرفية للفرد بهدف مساعدته على التكيف، بمعنى أنَّ الكائن الحي يسعى للتعلم من أجل التكيف مع الضغوط المعرفية الناشئة من تفاعله مع معطيات العلم التجريبي، وهذه الضغوط غالبا ما تؤدي إلى حالة من الاضطراب تدفعه لاستعادة حالة التوازن المعرفي من خلال عملية التنظيم الذاتي أو الموازنة بما تشمله من عمليتي المماثلة والمواءمة، ومن ثم تحقيق التكيف مع الضغوط المعرفية وتعتبر الخرائط الذهنية استراتيجية متسقة مع النظرية البنائية، وذلك لأن الطالب أو المتعلم يقوم بتصميم الخريطة الذهنية اعتمادا على معرفته وأفكاره السابقة المخزنة في بنيته المعرفية، وتشير دراسة هاريكرات ومكاريمي 2010 أن الطلبة الذين تعلموا باستخدام استراتيجية الخرائط التعليمية في بيئة تعليمية بنائية كان وبفروق ذات دلالة إحصائية أكثر من الطلبة الذين تعلموا بطريقة تقليدية. وهذا ما يؤكده بوزان (مبدع الخريطة الذهنية) حيث يشير إلى أن استخدام الخرائط الذهنية يحسّن من تحصيل المتعلمين سنة 2006.
فالخريطة الذهنية تعبر عن البنية المعرفية للفرد من حيث مكوناتها والعلاقات بين هذه المكونات، وبما أنها تعتمد على البنائية فإن ذلك يحقق مساعدة للمتعلمين لفهم كيف ولماذا يمكن أن تفسر بعض المعلومات بصورة أكثر صحة من المعلومات الأخرى (المعلومات السابقة) وذلك عن طريق إتاحة الخبرات والفرص للمتعلمين التي تشجعهم على بناء المعلومات الصحيحة، وبذلك فان تعلم العلوم بهذه الطريقة يحقق إعادة ترتيب لبعض الأفكار، وهكذا فإن المعلومات الجديدة تستخدم لتصحيح المعلومات السابقة، ويمكن للمعلم تطبيق نظرية البنائية باستخدام استراتيجية الخرائط الذهنية عن طريق تشجيع الطلبة أن يشاركوا في الحصة الصفية بشكل فردي أو جماعي، ويتضمن ذلك قيام كل طالب بتصميم خريطة ذهنية لموضوع معين وبالطبع سيكون تصميم كل خريطة ذهنية خاص بكل طالب على حدا لاختلاف المعرفي من طالب لآخر، ويمكن للمعلم أيضا أن يقوم بتقسيم الطلبة إلى مجموعات صغيرة، وتقوم كل مجموعة بتصميم خريطة ذهنية لموضوع معين عن طريق المناقشات وتبادل المعارف وسنحصل أيضا على خرائط ذهنية مميزة لخبرات وأفكار أكثر من طالب.
نظرية أوزبل
تعتمد استراتيجية الخرائط الذهنية على نظرية أوزبل التعليمية (التعلم ذو المعنى)، حيث يرى أوزبل أن كل مادة تعليمية لها بنية تنظيمية تتميز بها عن المواد الأخرى، وفي كل بنية تشغل الأفكار والمفاهيم الأكثر شمولية وعمومية موضع القمة، ثم تندرج تحتها الأفكار والمفاهيم الأقل شمولية وعمومية ثم المعلومات التفصيلية الدقيقة، وأن البنية المعرفية لأي مادة دراسية, تتكون في عقل المتعلم بنفس الترتيب من الأكثر شمولا إلى الأقل شمول ويفترض أوزبل أن التعلم يحدث إذا نظمت المادة الدراسية في خطوط مشابهة لتلك التي تنتظم بها المعرفة في والخبرات السابق اكتسابها، وبهذه الطريقة تأخذ المعرفة الجديدة بالإضافة للمعلومات السابقة عقل المتعلم، حيث يرى أن المتعلم يستقبل المعلومات ويربطها بالمعرفة السابقة لديه. ويشجع كذلك المتعلم على تكوين سلسلة من المفاهيم عن طريق ربط المفاهيم المكتسبة لديه سابقا والمفاهيم الجديدة وبهذا يصبح من الصعب نسيان المعرفة المكتسبة بهذه . وتعمل الخرائط الذهنية بنفس الطريقة حيث تحقق تعلما ذا معنى، وذلك لأنها تزود المتعلم بصورة بصرية قوية تمثل العلاقات والمعلومات المعقدة، وتربط بين المعلومات السابقة والجديدة. كما أنها تعتمد على نظرية أوزبل من ناحية أن المعرفة تنتظم في الخريطة الذهنية بنفس الطريقة التي تنتظم فيها في عقل المتعلم وذلك من المفاهيم والأفكار الأكثر شمولا إلى, الأقل شمولا ثم المعلومات التفصيلية الدقيقة كما تعمل الخرائط الذهنية على تنظيم المحتوى التعليمي بشكل غير خطي (متشعب) وذلك عن طريق وضع المفهوم الرئيسي في الوسط وعمل فروع متصلة فيه بشكل متسلسل، وهذا يجعل التعلم قوي وذو معنى، وهذا ما يؤكده توني وباري بوزان حيث يقولان بأن الخرائط الذهنية تماثل وتسهل عمل الدماغ أكثر من الإنشاءات الخطية التقليدية بسبب طبيعتها الشعاعية, بالإضافة لاستعمال الألوان والرسومات والاتجاهات.
إرسال تعليق