زوارنا الأوفياء سلام الله عليكم, العديد من الظواهر الطبيعية تتكرر أمام
أعيننا كل يوم فنعتبرها مسلمات لمجرد أننا تعودنا على حدوثها فلا نتساءل عن
سبب وقوعها بطريقة معينة ,وهذا لا نجده عند العلماء وخصوصا الفيزيائيين
فعقولهم لا تقبل المسلمات ولا تدعن لمنطق عموم الناس, نأتي الآن لنتساءل عن
طبيعة الوقت ؟قد نقول أن مفهوم الوقت هو الشيء الأكثر وضوحا في الكون ,لكن في الحقيقة نحن لا نفهمه تماما .
 |
| مبدأ الأنتروبية Entropy |
هذا لغز ,لكن الحال لا ينطبق على "المكان" فيمكنني أن أتقدم إلى الأمام وأرجع إلى الخلف أو أن أذهب إلى تركيا ثم أعود إلى المغرب مرة أخرى ,بينما الزمن يحافظ على اتجاه واحد ,فما معنى أن يسير الزمن من الماضي إلى الحاضر ؟ولماذا لا تحدث الأشياء بترتيب زمني معاكس ؟
قوانين الفيزياء هي المعادلات الرياضية التي نستخدمها لتوصيف كل شيء ,انطلاقا من بنية الذرات حتى دوران المجرات ,لقد تمت صياغة هذه القوانين والتأكد منها على مدى قرون من الملاحظات والتجارب ,لكن المفاجئ هو أنه لا يوجد قانون أو قاعدة فيزيائية تمنع سير الزمن من الماضي إلى المستقبل أو من المستقبل إلى الماضي ,معظم المعادلات التي تستخدم لوصف الكون ليس لها علاقة باتجاه الوقت ,هذه المعادلات صحيحة بنفس المقدار في الحالتين .
كلنا نعلم ماذا سيحدث عند سقوط قنينة زجاجية على الأرض ,بطبيعة الحال ستحدث فوضى وستتناثر قطع الزجاج المكسور وفكرة أن تعود القطع لتعيد تكوين القنينة من جديد تبدو سخيفة ,لكن المنطق الفيزيائي يقول أن ذلك ممكن فكل ما يجب فعله هو عكس سرعات جميع القطع والجزيئات والذرات لتعود القنينة لحالتها المبدئية ,فإذا كان الأمر بهذه البساطة فلماذا لا يحدث في الواقع؟
هذا ما حاول العالم الفيزيائي النمساوي لودفيغ بولتزمان سنة 1865 الإجابة عليه ,عندما توصل إلى المعادلةS=K LOG W وهي الشكل الرياضي لمفهوم يسمى الأنتروبيا entropy وهي مقياس تعرفنا عليه في موضوع سابق يسمى الفوضى أو العشوائية .وهي الفكرة التي يمكن تلخيصها في أن كل شيء في الكون لديه ميل للانتقال من الانتظام إلى الفوضى ,كأن نلقي أوراق لعب مرتبة في الهواء فاحتمال أن تسقط في وضعية مرتبة هي واحد من مليارات أو بلايين الاحتمالات والنتيجة الحتمية هي فوضى عارمة والأمر ينطبق على كل شيء من حولنا إذا كان مقياس الفوضى يميل للزيادة في اتجاه واحد للزمن يجب دراسة الظروف الأولية ولمعرفة السبب الحقيقي يجب الرجوع للظروف الابتدائية الأولية لكل شيء وهذا سيحيلنا حتما إلى نقطة البداية ,الإنفجار الأعظم ولو تتبعنا خط الزمن لرأينا ازدياد النظام كلما رجعنا في الماضي ,فيتقلص كل من الزمان والمكان وتتكدس الطاقة والمادة في نقطة واحدة فائقة الكثافة متناهية في الصغر بشكل لا تتخيله عقولنا ,وهذه الحالة تكون في غاية الانتظام , النتيجة التي نخلص إليها أن الانفجار العظيم هو الذي انشأ سهم الزمن ووجهه نحو المستقبل .
 |
| لماذا يسير سهم الزمن في اتجاه واحد نحو المستقبل |
إرسال تعليق