البحث عن بوزون هيغز Higgs boson الغامض

 قراءنا الأفاضل أهلا بكم على صفحات مدونة محيط المعرفة
 لقد خصصنا العديد من المواضيع التي حاولنا من خلالها فهم طبيعة الكون وفهم بنيته من خلال الاكتشفات العلمية المتلاحقة، فبعد أن تحدثنا عن قوى الكون الغامضة المادة السوداء والطاقة المظلمة وكيف أن علماء الفيزياء فشلوا في تحديد طبيعتها، رغم آثره  الواضح في استقرار الكون وتماسكه، جاء الدور على جزيء لا يقل غرابة عنهما.

البحث عن بوزون هيغز Higgs boson الغامض

بدأت القصة سنة 1964 عندما افترض روبرت بروت وبيتر هيغز أن هناك حقل من الطاقة في الفضاء الذي نراه فارغا وعندما تتحرك الجسيمات داخل هذا الفضاء فهناك بعض الجسيمات تتفاعل مع هذا الحقل فبعضها لا يتفاعل مع هذا الوسط، أما التي تفاعلت مع حقل هيغز كما سماه صاحب النظرية يكتسب صفة الكتلة، بينما الجسيمات التي تعبر الحقل بدون أن تتفاعل معه تكون عديمة الكتلة. ولتقريب المعنى سأعطي مثالا توضيحيا:
تخيل بأن هناك مساحة شاسعة مغطاة بالثلوج ومسطحة وناعمة، و تخيل نفسك تحاول قطع هذه المساحة مشيا ستلاحظ أن مشيتك تصبح أبطأ ورجلاك تغوصان في مجال هيغز الجليدي، الآن تخيل نفسك تعبر هذه الثلوج مستعينا بزلاجة، سوف تسير بسرعة وستلامس فقط الطبقة الخارجية للثلج، مثل الجسيم الذي ليس له كتلة ويسير بسرعة الضوء مثل الفوتونات التي يتركب منها شعاع الشمس.
ومن هذا المثال البسيط نستنثج أن كتلة العناصر أو المواد تتحدد حسب تفاعلها مع حقل هيغز، فكلما قاوم هذا الحقل عنصرا معينا كلما زاد وزنه وقلت سرعته.
لاحظ الفيزيائيون أن مجال هيغز يملأ الكون بأسره، ولكن ما هو جسيم هيغز؟
نعلم أن الثلج مكون من جزيئات الأوكسجين والهيدروجين وفق ترتيب معين وبمقادير معينة، ونفس المبدأ ينطبق على مجال هيغز والذي هو بدوره مألف من جسيمات كمية صغيرة والتي أطلق عليها لاحقا تسمية بوزون هيغز، هذا البوزون وظيفته هي أعطاء صفة الكتلة لكل الجسيمات الذرية فكتلة الالكترونات تختلف عن كتلة الكواركات أو النوترونات.
وللكشف عنه يقوم العلماء بتجارب في مصادم الهدرونات وهو جهاز ضخم عبارة عن أنابيب يتم فيها تسريع الجسيمات إلى سرعات تبلغ سرعة الضوء لتتصادم المليارات منها مع بعضها البعض، محاكين بذلك الإنفجار العظيم ، والبحث عن بوزون هيغز وسط الحطام المتناثر.