علماء الأعصاب يستكشفون أدمغة محترفي التأمل واليوغا، ويؤكدون قدرة هذه النشاطات على تحسين بنية وكفاءة الدماغ.
ماهي العلاقة التي تربط بين الممارسات التأملية عند البوذيين والتعاليم الروحانية للهنود والتبصر لذى الصوفيين؟ هذه الأسئلة طرحها Tenzin Gyatso الديلاي لاما الرابع عشر والمرشد الروحي في التبت.
قياس النشاط الدماغي لبوذي أثناء استغراقه في التأمل |
عندما يلتقي ماهو روحاني مع ما هو علمي :
بدأ الديلاي لاما سنة 1980 رحلة التعاون مع معهد " العقل والحياة " Mind and Life"" حيث قام متخصصون بمراقبة النشاط الدماغي للعديد من ممارسي اليوغا والتأمل حوالي 60000 ساعة من المراقبة.منذ ما يقرب من 15 سنة خضع أكثر من 10000 متطوع من مختلف الديانات والتوجهات رهبان وبوديون وصوفيون وحتى علمانيون، من المشرق والمغرب، رجالا ونساء، لتجارب مراقبة النشاط الدماغي أثناء دخولهم في حالات تأملية في أكثر من 20 جامعة أمريكية، وتمت مقارنة النشاطات الدماغية لذى المحترفين والهاوين وأخرون لا يمارسون هذا النوع من النشاطات.
راهب يخضع للرنين المغناطيسي |
ليونة الدماغ وقدراته العجيبة :
وجاءت النتائج تؤكد ما توصل له العلم في السنين الأخيرة ,عن ليونة الدماغ وقدرته العجيبة على إعادة التشكل حتى لدى الكبار في السن. فقد أظهرت الدراسات أن الشخص الذي يتعلم مهارة جديدة كالعزف على آلة الكمان ستحدث له تغيرات على مستوى الدماغ خصوصا في المنطقة المسؤولة عن التحكم في الأصابع كلما واصل تدريبه على العزف، سواء كان ذلك بصورة فعلية أو حتى تخيلية، أي يتخيل نفسه يعزف مع التركيز على التفاصيل والمواقع التي تتحرك فيها أصابعه ..يبدو أن الأمر نفسه يحدث مع ممارس التأمل لأن هذا الأخير يزيد من كثافة الوصلات العصبية في مختلف مناطق الدماغ ويجعل الدماغ يعمل بكفاءة عالية والأمر لا يقتصر على الدماغ وحده بل يشمل كل أعضاء ووظائف الجسم.
مقارنة بين أدمغة محترفي الـتأمل وغير المتمرسين منهم |
أهم نتائج دراسات أدمغة المتأملين :
في مختبر بجامعة ويسكونسن Wisconsin، وجد المتخصصون أن نشاط المخ يعتمد على مستوى خبرة المتأمل، فقد بينت 10000 ساعة من المراقبة، أن محترفي التأمل يتميزون بنشاط دماغي أقل كثافة لأنهم يحتاجون لأقل جهد ممكن لتحقيق قدر أكبر من التركيز، مثلما يحدث مع الموسيقيين والرياضيين المحترفين لا يحتاجون لانفاق الكثير من الطاقة لأداء مهامهم على الوجه الأكمل عكس المبتدئين.التأمل يغير حجم مناطق معينة من المخ :
التأمل يغير حجم مناطق معينة من المخ، وربما يرجع ذلك إلى التغيرات في عدد الوصلات على مستوى السينابسات synapses مناطق الاتصال بين الخلايا العصبية. وكشفت دراسة أولية بقيادة سارة لازار Sara Lazar من جامعة هارفارد Harvard في الولايات المتحدة، عن وجود فرق واضح بين الفص الجبهي عند المتأملين من ذوي الخبرة والمتطوعون الأقل الخبرة والأفراد العاديين (المجموعة الضابطة).تغير النشاط الكهربي في الفص الجبهي أثناء التأمل |
وبشكل أكثر تحديدا، كان حجم المادة الرمادية (العناصر الأساسية في الجهاز العصبي المركزي) ليست هي نفسها في المناطق المسماة مناطق برودمان Broadman، وفي كثير من الأحيان يتم تفعيلها خلال التأمل. حيث كان محترفو التأمل وحتى المسنون منهم يتفوقون على غيرهم من حيث حجم الفص الجبهي وسماكته مما يؤكد فاعلية التأمل في حماية المخ من ترقق القشرة الدماغية ومن داء الخرف الذي يطال الشيوخ.
خلاصة:
التأمل متجذر في جميع الثقافات والأديان مارسه الأنبياء والرسل والعلماء والفلاسفة حتى وإن كان ذلك بمعان مختلفة وأغراض متباينة، بالنسبة لنا ممارسة التأمل يعني زراعة الصفات الإنسانية الأساسية مثل الاستقرار وصفاء الذهن، والتوازن العاطفي، والاهتمام بالآخرين وحتى الحب والإيثار والرحمة تلك الصفات التي تبقى كامنة فينا ولا نسعى لتطويرها.
جريدة DAILY MAIL
مجلة national geographic
مجلة national geographic
إرسال تعليق