موضوع اليوم سنخصصه للحديث عن الاختبار ذو الجواب المقالي المطول أو الطويل وسنتطرق عبره إلى تعريفه وأشكاله وأصنافه وإيجابياته وسلبياته وقواعد استخدامه.
ونشير إلى أنه قد سبق وتطرقنا في موضوع مستقل إلى الاختبار ذو الجواب المقالي القصير وناقشناه من عدة جوانب.
امتحان |
تعريف الاختبار ذو الجواب المقالي الطويل
عندما يقدم الاختبار ذو الجواب المقالي الطويل أو المطول للتلميذ، يتعين على هذا الأخير:
- قراءة بيان الاختبار، الذي يتضمن مهاما معقدة في غالب الأحيان، يتعين إنجازها، أو مشكل ينبغي البحث عن الحل الملائم له، مع تقديم الإطار المرجعي الضروري لتنفيذ المهام، أو لحل المشكل.
- تنفيذ المهام، أو حل المشكل.
- بناء الجواب حسب المعارف المتاحة لدى التلميذ، مع الأخذ بعين الاعتبار الإطار المرجعي.
وعند استخدام هذا الصنف من عناصر الاختبار، يجب عدم الإلحاح بكثرة على ضرورة التطابق مع مختلف القواعد التي من شأنها أن ترفع من صلاحية عنصر الاختبار وموثوقيته إلى أقصاها. فلهذا التنبيه أهمية خاصة.
وإن غالبية المدرسين يستخفون من قدر الصعوبات التي قد ترافق استعمال هذا الصنف من عناصر الاختبار، وهي صعوبات تتعلق بتحريره وبتصحيحه. كما أن حرية التصرف التي تمنح للتلميذ، والمتعلقة بتنفيذ المهام الموكولة إليه، أو في حل المشكل من شأنها أن ترجح لفائدة اعتماد هذا الصنف من عناصر الاختبار. وعلى النقيض من ذلك، فإن نفس الخاصيات تؤدي إلى كثير من الصعوبات في الإنجاز والتصحيح، بحيث غالبا ما تكون حرية التصرف ظاهرة فقط، إذ أن الكل ينبغي أن يخضع لمعايير تبقى غالبا لاشكلية، لم يتم الإعلان عنها، وغير مرتقبة في جل الأحيان وفي أغلب الأحيان، خلال الامتحانات التي تتعلق بالمهارات المعقدة، فالمتعلم لا يكون مطالبا بامتلاك المضمون الدراسي الذي سيمتحن فيه وحسب، بل أن يدرك كذلك المعايير التي ستعتمد في تقييم أجوبته، أي أن يتعرف الجواب ويتوقع الحكم الذي سيصدر الجواب والتكيف معه.
وعلى المدرس أن يلقن إلى التلميذ معايير التقويم التي يعتمدها.
مثال
عرف العبارات الثلاث التالية، واعط مثالا محددا لكل منها، ثم اشرح الفروق الأساسية القائمة بينها، (في 300 كلمة):
- قياس المردود الدراسي.
- امتحان الانتقاء.
- التقويم النهائي.
مختلف أشكال عناصر الاختبار ذات الجواب المقالي
يمثل هذا الصنف من عناصر الاختبار -بالنسبة للتلاميذ- السؤال المكتوب الذي يتطلب جوابا كتابيا مطولا، لكن هناك أصنافا أخرى من عناصر الاختبار ذات الجواب الكتابي، نذكر منها التمارين أو الأشغال ذات المهارات المراقبة والمتراتبة، والمربكات (Puzzles) من مختلف الأنواع، والألغاز والكلمات المتقاطعة التي تدور حول مواضيع محددة، وتفسيرات الخرائط الجغرافية أو غيرها، وكذلك جميع الوضعيات المتعلقة بحل المشكلات، سواء في الرياضيات أو في العلوم الفيزيائية أو العلوم الإنسانية.
ومن بين جميع خاصيات عنصر الاختبار ذي الجواب المقالي فإن لطول الجواب أهمية كبيرة، لكونه يحدد مدى تعقد المهام الواجب تنفيذها، وصنف المهام اللازم تنفيذها، بالإضافة إلى ذلك، فله ارتباطات تجاه المهارات الضرورية لبناء الجواب والتعبير عنه كتابيا.
أصناف من عناصر الاختبار ذات الجواب المقالي الشائعة الاستعمال
أ- عنصر الاختبار ذو جواب أقل طولا، بحيث يطلب فيه التلميذ التعبير عن فكرة واحدة وهامة فقط في بضع جمل: كتقديم تعريف أو شرح وجيز أو علاقة ويحدد للتلميذ عادة معايير مدققة بخصوص المحتوى المطلوب في الجواب، وطول هذا الأخير وتفاصيل أجزائه...
ب- عنصر الاختبار من صنف حل المشكلات، ويرتبط بعنصر الاختبار الخاص بالامتحانات ذات الجواب متفاوت الطول، ومن جهة أخرى فبناء على عدد من التقارير، فإن هذا الصنف من عناصر الاختبار، يؤدي بالنسبة للعلوم الفيزيائية والرياضية وغيرها، نفس وظيفة الأسئلة ذات الجواب المقالي القصير أو المطول في العلوم الإنسانية أو العلوم الاجتماعية، أو المواقف المتعلقة بالانتاجات الأدبية أو الفنية. ففي الحالتين معا، يتعين على المتعلم إيجاد الحل لموقف نظري أو عملي، انطلاقا من معلومات جزئية مقدمة. فمن خلال عناصر الاختبار من صنف حل المشكلات، يقتضي من المتعلم عادة، اللجوء إلى معطيات كمية، بينما تكون هذه المعطيات في العلوم الإنسانية، مفهومية منطقية أو نوعية فقط.
ومثل عناصر الاختبار هذه، تتطلب مهارات الفهم أو التطبيق، خصوصا إذا كانت الوضعية جديدة بالنسبة لما تلقاه المتعلم أثناء متابعته لدروسه، ويمكنها أن تتطلب كذلك تحليل وضعيات معقدة، خاصة وأن الجواب الصحيح لا يشكل في الغالب سوى جزءا ثانويا بالنسبة للمهارة المراد قياسها، فمهارة حل المشاكل هي التي تهم أكثر.
ج- يمكن أن يتطلب عنصر الاختبار ذو الجواب المقالي المطول إجابة تغطي عدة صفحات، وقد يتعلق الأمر بموضوع إنشائي، أو اختبار أو بحث، أو قد يمتد إلى إعداد أطروحة. ففي مثل هذه الحالات لا يكون التلميذ ملزما بالإجابة عن المشكل المطروح أو بتنفيذ المهام المعقدة الموكلة إليه وحسب، بل عليه أن يسخر وقتا كافيا لبذل الجهود الملائمة لتنظيم جوابه، وتحريره وتدوينه.
إيجابيات عناصر الاختبار ذات الجواب المقالي المطول
نقدم فيما يلي ملخصا للإيجابيات أو المحاسن النوعية لعناصر الاختبار ذات الجواب المقالي المطول:
- يدعو هذا الصنف من عناصر الاختبار التلاميذ إلى مراجعة الأفكار الأساسية للجوانب الهامة من المقرر، لأن التلميذ يعلم مقدما أن عناصر الاختبار تكون قليلة العدد وتتناول قدرات إجمالية.
- يتسم عنصر الاختبار ذو الجواب المقالي المطول بفعالية كبيرة في قياس العمليات العقلية المعقدة كالتحليل والتركيب والتقويم. كما يعد جد ملائم للأهداف النهائية وللمحتويات التي تشملها.
- كونه لا يسمح فقط بمراقبة نتيجة حل المشكل (الجواب) فقط. بل حتى النهج المعتمد للوصول إلى النتيجة كذلك، إذ يمكن الاعتقاد بأن المتعلم يساهم أكثر، ويشارك عندما تتاح له فرص تعلم تلك النهوج.
- يلائم جيدا الدروس الخاصة بالمستويات العليا، حيث تكثر المفاهيم العامة، وتبدو عملية بناء الفكر الناقد ذات أهمية متزايدة.
- يعد الوسيلة الوحيدة لقياس وتقدير التعبير الكتابي، وتقدير بعض أصناف الأهداف التربوية كالمتعلقة بالمهارات اللغوية أو مهارة الخط أو مهارات تنظيم رأي أو فكرة.
سلبيات عنصر الاختبار ذي الجواب المقالي
بالنسبة لأهم سلبيات أو مآخذ عنصر الاختبار ذي الجواب المقالي، نقدم فيما يلي بعض أوصافه بإيجاز:
1- هناك مصدران لأغلب الأخطاء المتعلقة بالموثوقية:
التصحيح: تتغير النتائج من مصحح إلى آخر، كما تتغير بالنسبة لنفس المصحح، وبالنسبة لنفس الجواب من وقت لآخر.
الجواب: إذا قدم نفس السؤال خلال فترات متباينة فإنه يؤول إلى إحداث أجوبة جد مختلفة من قبل تلميذين يتوفران على نفس الاستعدادات والكفايات. أو بالنسبة لتلميذ واحد لم تتغير كفاياته.
2- تضعف صلاحية هذا الصنف من عناصر الاختبار بواسطة أخطاء تحديد عينات المهام المطلوب إنجازها من قبل التلاميذ، وهي أخطاء شائعة بمقدار تعقد المهارات والمهام بحيث تجعل من الصعب إحداث علاقة بين ما تم تعلمه ومظاهر ذلك التعلم (أي التطابق).
3- يصعب على المصحح تجنب تأثير ما لديه من معارف مسبقة حول التلميذ أو حول إنجازاته وكفاياته (تأثير الهالة)، فبدون أن يعي المصحح، فهو يبادر بمكافأة التلميذ الذي يعرف عنه أنه مجتهد أو لديه موهبة خاصة، كما يمنح حظا أقل للتلميذ الذي يخفق عادة أو يبدي صعوبات في التعلم.
4- تحتاج المعالجة الإحصائية إلى تفريغ ثنائي للنتائج الخاصة بهذا الصنف من عناصر الاختبار. فمثلا نتيجة حول 20 نقطة، تمثل نجاحا (1) بالنسبة لمن حصلوا على 12 فما فوق، وإخفاقا (0) بالنسبة لمن حصلوا على أقل من 12.
قواعد استخدام عنصر الاختبار ذي الجواب المقالي المطول
1- خلال الدروس التي تسبق إجراء امتحان ذي أجوبة مقالية مطولة، ينصح بإتاحة الفرصة للتلاميذ لكي يجيبوا عن مثل هذا الصنف من عناصر الاختبار، بهدف استئناسهم بالمعايير التي يعتمدها المدرس في التصحيح، وستكون هذه مناسبة يتأكد فيها المدرس من مدى وضوح أسئلته، ومن تجانس التفسيرات التي يقدمها التلاميذ.
2- يجب تركيب المشكل المعروض في عنصر الاختبار وتحديده جيدا، ليكون الجواب موجها بالأساس نحو ما يراد قياسه. فهكذا تكون لدى المتعلم فرصا أقل للتحايل. وتعد الجهود المبذولة نحو تركيب عنصر الاختبار ذات أهمية متزايدة، لأنها تضع المدرس في وضعية يسهل عليه إدراك وتقييم مراحل التعلم أو مكونات المحتوى، وبهذا لا يمكنه أن يتطور تعليمه إلا نحو الأفضل.
3- ولتسهيل المقارنة بين الأجوبة، ولتوجيه التلاميذ إلى تفسير السؤال، يفضل توضيح حجم الجواب المتوخى، خصوصا لدى التلاميذ صغار السن.
4- يشار إلى عدد النقط المخصصة لكل عنصر اختبار على ورقة الامتحان وكذا إلى المدة الزمنية المخصصة لحلها عند الاقتضاء.
5- قد ينبه المعلم التلميذ بأنه سيعاقبه بخصم النقط إذا هو أدخل ضمن جوابه عناصر غريبة عن المشكل المراد حله (خطأ في تمييز المعارف).
6- نظرا لقلة هذا الصنف من عناصر الاختبار، فهي تعرض للجوانب الأساسية من البرنامج.
7- نقدم فيما يلي خطوات عملية لتحرير عنصر ذي الجواب المقالي المطول:
- استحضار الهدف النوعي الذي يرتبط بعنصر الاختبار.
- اختيار جانب هام بالنسبة لكل عنصر اختبار، أي كل ما لديه معنى بالنسبة للمتعلم وملائما للهدف النوعي، وأصدق تمثيلا للمجال المراد قياسه.
إلى هنا نكون قد أنهينا موضوعنا لهذا اليوم وإلى لقاء آخر مع موضوع جديد على مدونتكم الثقافية محيط المعرفة.
إرسال تعليق