تساءل شليمان مكتشف طروادة عن الموكينيين، الذين حاصروا مدينة طروادة لمدة عشر سنوات. وعن قائدهم الذي احتال عليهم بالحصان الخشبي الضخم، الذي ورد ذكره في الإليادة. فقرر التوجه إلى موكيناي التي تبعد عن أثينا ب 125 كلم والواقعة في القسم الشمالي من شبه جزيرة البيلوبونيز، ليبدأ تنقيباته هناك سنة 1874م ويكتشف أحد مداخل المدينة المشهور بباب السباع حيث نحث الموكينيون تمثالي لبؤتين في صخرة عظيمة بالإضافة لقصر أكاممنون الموجود وسط المدينة دون أن ننسى مقابر نبلاء وملوك لا زالت التيجان الذهبية تعلو جماجمهم، ومجوهرات معلقة على صدور السيدات. بنيت المدينة بأحجار ثقيلة وهائلة الحجم تعرف في الفن المعماري ببناء عمالقة السيكلوبس Cyclops.
البطل المسيني "أخيل" كما جسدته هوليود |
تعتبر الحضارية الميكينية ثاني أكبر حضارة وجدت خلال العصر المبكر في العالم اليوناني، وهي تختلف عن الحضارة الطروادية في كونها يونانية الأصل، وتعود تسميتها إلى مدينة موكيناي أو ميسياء ويسميها علماء الآثار بالحضارة الهيلادية نسبة لعصر البرونز.
ويعود الفضل لبزوغ الحضارة في موكيناي لموقعها الاستراتيجي المحصن طبيعيا فوق تل مرتفع، يطل على البحر. مكنها من السيطرة على سهل "أرجوس" وعلى الطرق المؤدية إلى المضيق الذي يصل شبه جزيرة البيلوبونيز بالقسم الشمالي من بلاد اليونان. بالإضافة لتوفرها على المياه العذبة الصالحة للزراعة، مما هيئ الجو لقيام حضارة جد متطورة وقوية في عصر البرونز. وهذا لا ينفي أن تكون حضارة موكيناي قد تأثرت بحضارة كريت التي تحدثنا عنها في موضوعنا السابق أكاممنون بل هناك من يقول بأنها بنيت بأيادي كريتية.
الحضارة الميكينية في أشعار هوميروس
تخبرنا الأساطير اليونانية أن تأسيس حضارة موكيناي يعود للملك بريسيوس الذي كان له اتصال بالملك أكاممنون، الذي وصفه هوميروس بأنه أقوى حكام الإغريق وهو نفسه الذي قاد الحرب على طروادة ويظهر ذلك في الولاء الذي يربط ملوك وأمراء بلاد اليونان لأكاممنون، والأبحاث الأثرية تظهر وجود آثار قصور وحصون ومقابر ذات طابع موكيني انتشرت في كل المناطق المطلة على نهر إيجة بما فيها مصر وجنوب إيطاليا.
بدأت قوة الميسينيين تخبو رويداً رويدا، وبحلول عام 1200 ق.م قامت مجموعة من القبائل الدورية القادمة من الشمال وهي شعوب هندو أوروبية، بالهجوم على مدن الحضارة الميكينية وقاموا بتدميرها وإنهاء هذه الحضارة، واستمر هذا الغزو حتى عام 1000 ق.م مما ادخل المنطقة في عصور ما يسمى بالعصور المظلمة، كناية عن مدى الاضمحلال الذي حل بالمنطقة، مما أتاح للفينيقيين السيطرة علي بحر ايجة، وانقسمت المدن إلي تجمعات سكانية تحت سيطرة رؤساء القبائل.
إرسال تعليق