كيف تؤسس حياة زوجية سعيدة
عندما بدأ الدكتور "جون جوتمان" دراسة موضوع العلاقات الزوجية في بداية التسعينات من القرن الماضي لم يكن هناك إلا القليل من المادة العلمية الموثوقة المتوفرة عن الزواج والأسرار التي تجعله ينجح، و كان مستشاروا العلاقات الزوجية يعتمدون على الرأي الشخصي والحدس والحكمة التقليدية و أفكار المعالجين النفسيين مما نتج عنه ان مساعدتهم للازواج لم تكن ذات كفاءة عالية.
وفي عام 1968م أسس "جوتمان"و هو أستاذ لعلم النفس بجامعة واشنطن في سياتل معمل بحوث الأسرة الذي اشتهر باسم "معمل الحب" و كان المعمل عبارة عن شقة مفروشة تطل على بحيرة كما كانت مجهزة لتصوير و تسجيل ما يحدث بين الزوجين المبحوثين المقيمين فيها من حوارات، ومشادات و لغة الجسم.
كيف تؤسس حياة زوجية سعيدة |
و كان هذا أول مشروع يمثل ملاحظة علمية لأزواج حقيقيين في حالة تفاعل يومي فعلي، حيث قام بملاحظت أكثر من 650 زوج على مدار 14 سنة وكان معظم من أجريت عليهم الدراسة على وشك الطلاق، فقام بتأليف كتاب بعنوان "المبادئ السبعة لإنجاح الزواج".
ظهرت مئات الكتب التي تناولت العلاقات الزوجية ولكن كتابه لا يزال في الصدارة، وذلك لما يقدمه من معلومات وبيانات واقعية وليس على تعميمات حسنة النوايا. ويمكن أن نلخص بعض ما ورد في هذا الكتاب القيم.
كل الأزواج يرتاحون عندما يعلمون أن المشاحنات بين الأزواج لا يخلو منها أي بيت مهما كان مستوى التوافق والمستوى العلمي والمنهج الروحاني. وأن ما ينجح الزواج ليس غياب الخلافات ولكن كيفية حلها.
أهم أسباب المشاكل هو ضعف التواصل، فبدلا من الصراخ فإن تكرار ما يقوله الزوج أو الزوجة، ثم تقييم دقته ثم التعبير عما تريد سوف يخلق زيادة هائلة في التفاهم حيث ان الاستماع بدون اصدار احكام وقبول مشاعر الآخر يخلق روابط قوية.
الحقيقة أن الكثير من الزيجات الناجحة تتضمن الكثير من المشاكل "المخفية"، يهرب الزوج لمشاهدة التلفزيون أو الذهاب إلى المقهى إذا حدثت مشادات أو خلافات، و تهرع الزوجة للتسوق كنوع من العلاج وبعد ساعتين تكون المشادة قد انتهت ويسعد الزوجان برؤية بعضهما من جديد فتبقى العلاقة الزوجية ثابتة دون التنفيس عن المشاعر العميقة.
لا يقع الطلاق نتيجة المشادات بل نتيجة طريقة التجادل:
أسباب الطلاق
1- البدايات القاسية
أول شيء سنبدأ به هو البدايات لأن البدايات هي أصل كل شيء، وخصوصا ما يصطلح عليه بالبدايات القاسية.
تتسم المناقشات الزوجية التي تبدأ بالسخرية أو التهكم أو الازدراء بما يطلق عليه اسم البدايات القاسية. ما يبدأ بداية سيئة ينتهي نهاية سيئة، وهذا منطق علمي لا غبار عليه.
2- الانتقاد
هناك فرق بين انتقاد السلوك وانتقاد الشخص، فغالبية الأزواج يلجؤون للنوع الثاني مما يدفع الطرف الثاني للدفاع عن نفسه، مما ينتج عنه نشوب خلافات كبيرة في كثير من الأحيان لا يستطيع الزوجان حلها والتغلب عليها فيحدث الانفصال أو الطلاق بين الزوجين.
3- الاحتقار
ويتضمن كل أشكال السخرية، أو النظر بطرف العين أو إطلاق الأسماء القبيحة لإشعار الزوج بالضيق ومن أسوء أشكال الاحتقار السؤال المعروف "ماذا يمكنك ان تفعل؟"
وعند شعور الزوج بالاحتقار أو التقليل من قيمته فإن الحياة الزوجية تصبح مستحيلة دون شك.
4- الدفاعية
إشعار أحد الزوجين لزوجه بأنه هو المشكلة الرئيسية في حياته وطبعا هذا الإحساس يجعل من الحياة مستحيلة بين الزوجين فيحدث الطلاق.
5- التبلد
التبلد هو تجاهل أحد الزوجين ما يحدث لعدم قدرته على قبول الانتقاد أو الازدراء أو الدفاعية، لأن هذا التبلد يقلل شعوره بالألم والرجال أكثر من يلجؤون لهذا الأسلوب، لأن الرجل أقل تعافيا من الضغوط من المرأة، فهو يتبنى توجه "لا يهمني" أما النساء فإنهن يجدن تهدئة أنفسهن بعد المواقف الضاغطة، وهذا يفسر إثارتهن للمشاكل و محاولة الرجال تجنبها.
6- الغمر
ويعني هذا اللفظ تعرض أحد الزوجين لهجمات لفظية مكثفة من زوجه، ونحن البشر عندما نتعرض لهجوم يزيد نبض القلب فيرتفع ضغط الدم و يفرز الأدرينالين، فالعقل يفسر هذا الهجوم اللفظي على انه تهديد للحياة فتصبح مسألة حياة او موت و كأننا نواجه حيوانا مفترسا. والرجال اكثر عرضة لهذا النوع من الانفعالات مما يسبب حالات عنف جسدي، مما ينتج عنه انفصال عاطفي.
وهذه الدلائل في حد ذاتها لا تؤدي بالضرورة الى الطلاق، ولكنها اذا تكررت على مدار مدة طويلة فمن المحتمل ان ينتهي الزواج، ويصف الدفاعية والتبلد والانتقاد والازدراء بانها معاول الهدم الأربعة، حيث تؤدي الى سيطرة المشاعر السلبية ببطء حتى تصل العلاقة الزوجية لدرجة من الانحدار تصبح العلاقة معها مؤلمة للغاية. وعند ئذ ينفصل الزوجان عاطفيا، و يكفان عن محاولة إيجاد الحلول، ويبدا كل منهما حياة مستقلة رغم عيشهما تحت سقف واحد. وعند هذه المرحلة يبدا احد الزوجين او كلاهما في البحث عن الاهتمام و الدعم و الرعاية في مكان اخر، فتنشا العلاقات غير الشرعية التي يصفها جوناتان بانها عادة ما تكون دليلا على حياة زوجية محتضرة و ليست سببا فيها.
ما يجعل الحياة الزوجية سعيدة
تدور معظم مبادئ جوتمان حول عامل واحد هو الصداقة بين الزوجين حيث تنمي هذه الاخيرة الاحترام المتبادل والاستمتاع بصحبة كل منهما للاخر، فالصداقة بين الزوجين تؤدي الى حالة من الرومنسية و تقلل العدوانية، فما دام الزوج يجد حبا و اعجابا بزوجه فيستطيع دائما انقاذ علافته به اما غياب الحب والاعجاب فانه يوجد فرصة لتقزز احد الزوجين من الاخر. والتقزز سم العلاقة الزوجية.
ويرى أيضا ان الهدف من الزواج هو ان يدعم كل منهما أحلام الاخر واماله وان الزواج يسير في الطريق الخطا اذا ضحى احد الزوجين بما يريده و يحلم به لان الصداقة تفرض ارتياح الطرفين.
تعرف على عالم زوجك واظهر اهتمامك به، وشاركه اهتماماته وأفكاره وتذكر المناسبات المهمة بالنسبة إليه. ويقول جوتمان ان الزوجين يستطيعان الحفاظ على الرومانسية حتى اثناء حواراتهما الحادة، البعض يظن ان الرحلات والاجازات ترسخ العلاقة الزوجية، لكن الأهم من ذلك هي مظاهر الاهتمام اليومية البسيطة التي يبديها الأزواج لبعضهما هي الأهم.
لاتكن صلبا
النساء منفتحات للتأثر بأزواجهن بحكم طبائعهن، ولكن الرجال يجدون صعوبة في التأثر بزوجاتهن، فعادة ما تكون الزيجات الناجحة هي تلك الزيجات التي يستمع فيها الزوج الى زوجته، ويهتم بآرائها و مشاعرها فالاستدامة تتطلب المشاركة في السلطة.
بقلم: الحسين بوتشيشي
المرجع /المبادئ السبعة لانجاح الزواج
تأسيس حياة زوجية سعيدة هي ما يبجث عنه معظم البشر لأنها هي مفتاح سعادة الفرد التي ينتج عنها سعادة ورفاهية المجتمع.
ردحذفشكرا لكم على الموضوع الغني والمفيد
إرسال تعليق