لقد شاعت في الأونة الأخيرة عبارة نهاية التاريخ وهي تعني أن التاريخ, بكل ما يحويه من تركيب وبساطة وحروب وثورات ونبل و خساسة سيصل إلى نهاية في لحظة ما ويصبح ساكنا خاليا من التدافع والصراعات و الخصوصيات الدينية والعرقية ,إذ كل شيء سيرد إلى مبدأ مادي طبيعي ثابت يفسر كل شيء فلا يصبح هناك فرق بين الإنسان والمادة.
يقول "فوكوياما"سيسيطر الإنسان سيطرة كاملة على نفسه وعلى بيئته وسيجد حلولا علمية نهائية حاسمة لكل مشاكله وآلامه. فالمعرفة العلمية حسب هذا التصور هي التي ستمكننا من السيطرة على جميع قوانين الطبيعة ونزعات الأنسان وبالتالي تأسيس صهيون العلمية ,إذن ف"فوكوياما" يتصور بأن العلم سيؤدي إلى معرفة يقينية شاملة.
ولكن العلوم الحديثة أصبحت تدرك أن المعرفة العلمية لم تعد بهذه البساطة فجميع النظريات الجديدة أثبتت احتمالية العلوم و نسبيتها كنظرية الفوضى وميكانيكا الكم فكلما تعمقنا في المعرفة أدركنا جهلنا واستحالة تحكمنا في المادة فما بالك بالأنسان الذي ينظاف إليه البعد الروحي الذي لا نعلم عنه شيئ .
والفكر الهيجلي لاينظر إلى الواقع إلا من منظور نهاية التاريخ حيث يتجسد العقل الكلي ويتحقق القانون العام في التاريخ ,في لحظة ينتهي فيها الجدل والمعانات الإنسانية ,إذ يصل الإنسان إلى الحل النهائي لكل مشاكله ,ويحكم السيطرة على كل شيء .ويمكن القول بأن هذا النموذج كامن وراء معظم الإديولوجيات العلمانية (النازية -الشيوعية-الصهيونية-الرأسمالية) حيث تصاعدت عمليات الترشيد والعولمة فأصبح العالم كله مادة استعمالية .والإنسان سيعيش وفق ثلاثة ايقاعات :المصنع(حيث ينتج الإنسان) _السوق(حيث يتبضع)_وأماكن الترفيه(حيث يفرغ ما فيه من طاقة وتوترات وعقد) ,أي إنه إيقاع يستوعب كلا من الأنسان الإقتصادي و الجسماني ويشبع جميع رغباته الطبيعية البسيطة .
وحينما يسيطر هذا الإيقاع الثلاثي على العالم يظهر النظام العالمي الجديد أي نهاية التاريخ، وخلاصة القول إن اعلان فوكوياما نهاية التاريخ هو إعلان نهاية الإنسان وخضوع العالم للحضارة الغربية التي لا تفرق بين الإنسان والأشياء و الحيوان والتي ستحول العالم بأسره إلى مادة استعمالية بعد أن تقضي على الأديان والمبادئ الروحية ,فنهاية التاريخ تعني نهاية الإنسان و انتصار المادة.
بقلم /حسين بوتشيشي
كتاب نهاية التاريخ
إرسال تعليق