كيف ستكون حالك إذا أخبرك الأطباء أن أمامك عاما لتعيشه على أكثر تقدير ؟كيف ستتصرف ؟هذا ما حدث ل "انتونى بيرجيس" وهو في الأربعين من عمره بعد شعور مفاجئ بألم في الرأس ,اجتاز بعض الفحوصات ليخبره الأطباء أنه يعاني من ورم خبيث لا يرجى شفاؤه وأنه سيعيش لعام آخر كحد أقصى .
أنت دائما أقوى مما تظن |
وزيادة على ذلك كان يعاني من أزمة مالية ,لا تسمح له بأن يترك لزوجته المكلومة أي شيء يعولها بعد رحيله , لم يكن انتوني يعرف الكثير عن فن الكتابة ,ولكنه كان يحس بوجود موهبة دفينة داخله ,وانتابه شعور قوي بأن الكتابة هي أمله الأخير في انقاذ زوجته من العوز بعد وفاته ,انغمس في الكتابة حتى دون التأكد من نتيجة ما سيكتبه ؟
كان ذلك في صيف 1960م وكان أمامه وقت حتى الصيف المقبل, لينهي كتابه الذي سيكون من المفترض معاشا لزوجته ,والمفاجأة أنه لم يكتب رواية واحدة بل استطاع كتابة أربعة روايات قبل حتى انتهاء المهلة التي حددها الطبيب المختص ,والخبر السار أن انتوني لم يمت بل بالعكس انحصر الورم في دماغه إلى أن اختفى تماما وتماثل للشفاء ,واستطاع بعد ذلك كتابة أكثر من 70 كتابا,وكانت أشهر رواياته "الآلية البرتقالية" .إنها القدرة الإلهية عندما تتدخل لتخبرنا أننا يجب أن نعتمد على العلم ولكن علينا أن لا نثق به ثقة عمياء فالله هو الذي وضع السنن الكونية لتسهل حياتنا وتجعلها أكثر منطقية وفي المقابل فهو قادر على تعطيلها متى شاء.فعلينا الأخذ بالأسباب ولكن علينا أن لا ننسى مسبب الأسباب.
إن مرضه المفاجئ وضعه في ما يسمى "بحالة الطوارئ" فلولا توفيق الله وحكم الإعدام الذي أصدره الطبيب ربما ما كان ليكتب سطرا واحدا .الحقيقة أننا جميعا نمتلك هذه القدرة العحيبة التي تتفجر مع ظهور حالة الطوارئ ,فأعظم الاختراعات ظهرت إبان الحروب ,وجعلت الناس يخرجون أحسن ما لديهم ,وفي غياب هذه الظاهرة فغالبا ما نركن إلى الراحة وننتهج الطرق السهلة ,فالمواقف المباغثة تضعنا أمام تحد أنفسنا وتدفعها إلى أقصى حدودنا .
لا يجب أن نعتمد على المثيرات الخارجية لتطلق قوانا الداخلية ,أو أن تحل بنا مصيبة لتطلق شرارة الأبداع والتحدي فينا ,بل علينا أن نمتلك هذه المقدرة على التحفيز الذاتي ,مثلا أن تجيب عن السؤال الذي بدأنا به الموضوع ,إذا كان أمامك عام فقط من الآن ما هي الأشياء التي بامكانك فعلها ؟
إرسال تعليق