لقد ولدنا في مجتمع يسوده نظام معين وفق نموذج محدد سلفا، فأغلبنا لا يستطيع تصور تجمع بشري خارج إطار الدولة، يا ترى كيف نشأت الدولة؟ وما الظروف التي ساعدت على انتشارها؟ وكيف تبنت جميع الشعوب والجماعات البشرية دون استثناء مسمى الدولة بمفهومه الحديث؟
العنف هي الاداة التي خلقت الدولة |
يقول الفيلسوف الوجودي الشهير نيتشه "أن جماعة من الوحوش الكواسر شقراء البشرة، تنقض على طائفة من الناس، ربما فاقتها عدداً، لكنها لم تتخذ بعد نظاما يحدد أوضاعها. ذلك هو أصل الدولة"، يقصد نيتشه هنا أن المجتمع البشري البدائي انقسم إلى طائفتين، الأولى اهتمت بالزراعة فكانت حياتها رتيبة تستهلك معظم وقتها في العمل الشاق المضني سعيدة بما تجود به الأرض عليها، فلم يكون هؤلاء المزارعون مهتمون بتطوير مهارات القتال لديهم في المقابل ظلت طائفة تزاول الصيد متعودة على القتل ومجابهة الأخطار فالحرب بالنسبة إليهم هي مجرد طريقة أخرى للصيد، فالمتغير الوحيد هو نوع الطريدة فبعد أن كان حيوانا أصبح الآن إنسانا. ويقول راتسهوفر في هذا السياق (العنف هي الاداة التي خلقت الدولة).
فهجرة قطعان الحيوانات للغابات بسبب القحط، أو تقلبات المناخ. جعلت الرجل الصياد ينظر بعين الحسد إلى السهول الخصبة، حيث يقبع المزارع هانئا سعيدا وسط حقوله. فكانت المواجهة حتمية بينهما ويقول ابنهايمر في هذا الصدد "إنك لترى أينما وجهت البصر قبيلة مقاتلة تعتدي على حدود قبيلة أخرى أقل منها استعدادا للقتال، ثم تستقر في أرضها مكونة جماعة الأشراف فيها، ومؤسسة لها الدولة" بعد ذلك يسعى الرجل الصياد إلى تكوين نخبة حاكمة، تسير شؤون الجماعة المسالمة فالدولة حسب هذا التحليل ما هي إلا مرحلة تطورية للمجتمع الزراعي القبلي، فبعد أن كانت السلطة تتداول بين دوي القربى على أساس الاستحقاق والحكمة، أصبحت القوة والسيطرة هي معيار انتقالها، وحتى وإن كنا لا نرى أثر القوة واضحا في مجتمعاتنا الحالية فإن قوة المال والنفوذ قد عوضت ذلك. كما أن التقدم التكنولوجي، زاد من قوة هذه النخبة الحاكمة حيث وضع تحت أيديها ترسانة من الأسلحة، قادرة على احباط حركات التمرد الشعبية ولكن الميزة المهمة لهذا النظام المستبد هو بقاؤه خفيا تحت مسميات الصالح العام وخدمة الوطن والشعب. فيا ترى هذه الأجهزة التي نراها الآن، من شرطة وجيش، هل هي حقا موجهة لحماية المواطنين والسهر على حقوقهم؟ أم هي موجودة بالأساس لحماية النظام الذي يدفع رواتب رجال الشرطة والمجندون في الجيش ؟
وهذا يشبه إلى حد كبير ما قاله كاميل ديمولان ابان الثورة الفرنسية سنة 1789م " إن طبقة الأشراف التي كانت تحكمكم منذ ألف عام قد جاءتكم من ألمانيا وأخضعتكم لسلطان الثروة، حقا إن الزمن ليخلع على كل شئ مسحة القدسية، حتى أخبث السرقات قمينة أن تبدو في أيدي أحفاد اللصوص، ملكا مقدسا لا يجوز الاعتداء عليه، إن كل دولة تبدأ بالقهر لكن سرعان ما تصبح عادات الطاعة هي مضمون الضمير ثم سرعان ما يهتز كل مواطن بشعور الولاء للعلم "
إن اعتماد الدولة على القوة وحدها للسيطرة على أفرادها، سيؤدي لا محالة إلى انهيارها لأنه حتى وإن كان أغلب الناس طيبون ويجنحون إلى السلم، لكنهم رغم ذلك يتميزون بالعناد، ويمكن تشبيه استعمال القوة بجباية الضرائب، فكلما عملت على جعل الضرائب غير مباشرة كلما قل احتجاج الناس عن آدائها.
ولهذا نجد جميع دول العالم، تعمل على تنشئة أجيال من الواطنين النمطيين تتوفر فيهم شروط الانصياع والانقياد للقانون والدوالة، عن طريق تشييد وتوجيه ومراقبة المدارس والمساجد والكنائس والإعلام بشتى أنواعه وفوق هذا كله فان الأقلية الحاكمة حولت سيادتها التي فرضتها على الناس بقوتها الى مجموعة من القوانين من شأنها أن تبلور سلطانها من جهة وأن تقدم للناس ما يرحبون به من أمن ونظام من جهة أخرى وهي تعترف بحقوق الرعية اعترافا تستميلها به إلى قبول القانون ومناصرة الدولة.
قصة الحضارة للكاتب الكبير ويل ديورانت
الجيوش وجدت بالاساس لحماية الانظمة.فمثلا الجزائر دولة غنية منطقيا بحكم الثروات البترولية التي تمتلكها لكن شعبها من افقر الشعوب واموال الدولة يستفيد منها جنرالاتها ويحمون انفسهم من ثورة الشعب بشراء اسلحة ويصرحون باي سلاح تم شراؤه على القنوات العمومية ليقولوا للشعب اصمت والا ستموت
ردحذفنحن نعيش في عالم تحكمه أقليات تطلق على نفسها مسمى النخبة وأصحاب القرار وأهل العقد والحل, يوهمون شعوبهم بأنهم يعمولون من أجلهم ولكن الحقيقة تظهر في أول احتجاج شعبي لتنهال عليهم هراوات قوات مكافحة الشغب .ذ
ردحذفإرسال تعليق