يمكننا القول بأن الإطار السني العام يضم اتجاهان فكريان متعارضان هما الاتجاه العقلي الذي يقدس العقل والاتجاه السلفي النصي الذي يقدس النص. وهذان الاتجاهان، سميا في تاريخ الفكر العربي، تارة بأصحاب الرأي مقابل أصحاب الحديث، وتارة بأصحاب العقل مقابل أصحاب النقل.
تحليل ومقارنة لعقيدة الأشاعرة والمعتزلة |
إن علم الكلام المعتزلي هو اتجاه سني عقلاني. كما أن فكر الفلاسفة وفكر ابن خلدون، ينتميان إلى الاتجاه العقلاني الأكثر تطورا. وبالمقابل فإن فكر ابن حنبل, مثلا، ينتمي إلى الاتجاه السلفي النصي.
لقد تطرقنا في موضوعنا سابق خاص بالإيديولوجيا الشيعية بعنوان الأسس الأديولوجية التي يقوم عليها الفكر الشيعي ورأينا أنها تعتمد أساسا على مفهومي الإمامة والباطنية أي أن الإمام المنحدر من ذرية علي كرم الله وجهه وزجته فاطمة بنت رسول الله (ص) هو الأقدر على فهم باطن الآيات وتلقي الالهام من الله عز وجل وهذا يكرس لا عقلانية المذهب الشيعي. وهذا التركيب بين لا عقلانية الفكر الشيعي وبين عقلانية الفكر المعتزلي وامتداده، قد أعطى ما أصبح معروفا بالأشعرية نسبة لأبي موسى الأشعري.
فلسفة الفكر المعتزلي
يتأسس الفكر المعتزلي برمته، على خمس أطروحات نظرية جوهرية. إن الاندماج بين الأطروحة الأولى، المسماة، أطروحة التوحيد، والأطروحة الثانية المسماة أطروحة العدل، سمح للمعتزلة بتأسيس نظرية حول العقل تتوفر على تماسك منطقي كبير.
إن مفهوم المعتزلة للتوحيد مفهوم مطلق متعال. وهذا يعني توحيد المعتزلة بين جوهر الله وبين صفاته وأوصافه، أي أنهم ينكرون أن تكون لصفات الله تعالى (الجسم، الوجه، اليدان...), وأوصافه (العلم، الحكمة، القوة...) وجودا متميزا عن الجوهر. لذلك فتلك الصفات والأوصاف، هي نفسها جوهر.
من هذا التوحيد، استخرج المعتزلة مفهوم "التعطيل". والتعطيل يعني حصر الفعل الإلهي في الوجود العام للكون، دون تجاوزه للتدخل في أفعال البشر الجزئية.
ومن مفهوم التعطيل، استخرجوا مفهوم "القدرة" البشرية، فهي موجودة لأن قدرة الله معطلة حسب زعمهم. ويعنون بذلك أن العبد يمتلك القدرة على خلق فعله الخاص بحرية، لأن الحرية تعني المسؤولية. والمسؤولية غير ممكنة بدون وجود عقل قادر على التمييز بين الفعل الحسن والفعل القبيح، بين الخير والشر. هكذا إذن، وظف المعتزلة تلك السلسلة من المفاهيم المنطقية للوصول إلى نتيجة واحدة: تقديس العقل.
إن مفهوم المعتزلة للتوحيد مفهوم مطلق متعال. وهذا يعني توحيد المعتزلة بين جوهر الله وبين صفاته وأوصافه، أي أنهم ينكرون أن تكون لصفات الله تعالى (الجسم، الوجه، اليدان...), وأوصافه (العلم، الحكمة، القوة...) وجودا متميزا عن الجوهر. لذلك فتلك الصفات والأوصاف، هي نفسها جوهر.
من هذا التوحيد، استخرج المعتزلة مفهوم "التعطيل". والتعطيل يعني حصر الفعل الإلهي في الوجود العام للكون، دون تجاوزه للتدخل في أفعال البشر الجزئية.
ومن مفهوم التعطيل، استخرجوا مفهوم "القدرة" البشرية، فهي موجودة لأن قدرة الله معطلة حسب زعمهم. ويعنون بذلك أن العبد يمتلك القدرة على خلق فعله الخاص بحرية، لأن الحرية تعني المسؤولية. والمسؤولية غير ممكنة بدون وجود عقل قادر على التمييز بين الفعل الحسن والفعل القبيح، بين الخير والشر. هكذا إذن، وظف المعتزلة تلك السلسلة من المفاهيم المنطقية للوصول إلى نتيجة واحدة: تقديس العقل.
ما رد الأشعرية على هذه النظرية؟
ينطلق الرد الأشعري من نقد الأساس الذي تقوم عليه عقلانية المعتزلة. على اعتبار أن المنطق الذي انطلقوا منه هو ما دفع به إلى نهايته، لأنه يصل حتما إلى الغاء الايمان لإحلال العقل محله: فما الحاجة إلى الإيمان إذا كانت قيمة العقل مطلقة ؟
على هذا الصعيد، فإن للاعتراض الأشعري ما يبرره. إن ابن الروندي، أحد المعتزلة الراديكاليين, يقول بصدد مقارنته بين العقل والنبوة: إما أن النبوة متفقة مع العقل، وفي هذه الحالة فهي زائدة. وإما أنها غير متفقة معه، وفي هذه الحالة، فإنها مرفوضة.
مقابل تلك العقلانية المتميزة للمعتزلة، حاولت الأشعرية تأسيس عقلانية أكثر اعتدالا، قائمة على التوفيق. لذلك فهي في الوقت الذي توجه فيه نقدها للاتجاهات اللاعقلانية، وتصر على ضرورة المنهج البرهاني القائم على العقل، تؤكد في نفس الوقت على أن العقل لا يجب أن يصل إلى الحدود التي يمكن فيها أن يدخل فيها في تناقض مع مبادئ الإيمان الأساسية.
على هذا الصعيد، فإن للاعتراض الأشعري ما يبرره. إن ابن الروندي، أحد المعتزلة الراديكاليين, يقول بصدد مقارنته بين العقل والنبوة: إما أن النبوة متفقة مع العقل، وفي هذه الحالة فهي زائدة. وإما أنها غير متفقة معه، وفي هذه الحالة، فإنها مرفوضة.
مقابل تلك العقلانية المتميزة للمعتزلة، حاولت الأشعرية تأسيس عقلانية أكثر اعتدالا، قائمة على التوفيق. لذلك فهي في الوقت الذي توجه فيه نقدها للاتجاهات اللاعقلانية، وتصر على ضرورة المنهج البرهاني القائم على العقل، تؤكد في نفس الوقت على أن العقل لا يجب أن يصل إلى الحدود التي يمكن فيها أن يدخل فيها في تناقض مع مبادئ الإيمان الأساسية.
وهي لهذا الغرض، قد أسست منظومة فكرية متكاملة لخدمة عقلانيتها التوفيقية. من هنا يمكن أن نقول أن مفهوم الأشعرية للتوحيد، يميز بين الجوهر الإلهي وبين صفاته وأوصافه، مما مكنها من مفهوم الكسب الذي جاء ليعارض مفهوم القدرة عند المعتزلة، لأن هذا الأخير حسب رأي الأشعرية، يمكن أن يجعل قوة البشر مساوية لقوة الله عز وجل، ما دام الاثنان يتوفران معا على القدرة على خلق الأفعال. وهي لذلك انتزعت من البشر صفة القدرة، التي تعتبرها صفة خاصة بالله وحده. لكنها من ناحية أخرى، للتوفيق بين أفعال البشر وبين مسؤوليتهم، صاغت مفهوم الكسب، الذي يعني أن الله يخلق القدرة للعبد لحظة حصول الفعل، لا قبله ولا بعده. بمعنى أن الإنسان لا يملك القدرة، لكن فقط يكسبها لحظة الفعل.
هذا بوجه عام الخط التوفيقي الذي قامت عليه الأشعرية، والذي نجده في جميع مواقفها تجاه كل القضايا النظرية الكبرى. وهي لما ظهرت لأول مرة للوجود، تعرضت لنفذ عنيف من قبل الطرفين النقيضين معا. فالعقلانيون اتهموها بالانتهازية وبتملقها للعفوية الجماهرية، واللاعقلانيون اهتهموها بالتردد والعجز عن الحسم. إن الأشعرية، ستجد في الفيلسوف الأشعري الكبير، الغزالي، أكبر مصارعا ضد عقلانية الفلاسفة، وضد باطنية الشيعة على حد سواء.
تصحيح فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه و سلم هي زوج علي رضي الله عنه.
ردحذفشكرا أخي abouzaynab لقد تم التصحيح لا تبخل علينا بتدخلاتك
ردحذفإرسال تعليق