باسم الله الرحمان الرحيم.
في الحلقة السابقة تحدثنا عن قصة قارون وعرفنا كيف استكبر وتكبر على قوم موسى بماله وتحدثنا أيضا الموعد الذي لم يظنه ولم يتوقعه عندما خرج على الناس ليريهم أمواله ويفتخر بها ولبس أحلى ملابسه وتزين بأحلى زينة وبهر الناس بجماله وزينته وذكرنا أن الناس انقسموا الى قسمين هكذا الناس اليوم مع الأغنياء ينقسمون الى قسمين " قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ " الذين قلبوهم متعلقة بهذه الحياة قالوا يا ليت لي قصر مثل قصره ويا ليت عندي وعندي كما فلان لديه قلوب متعلقة بالدنيا هذا القسم الأكبر من البشر أليس كذلك؟
قصة قارون الحلقة الثانية |
الذين تعلقت قلوبهم بالمال وكل ما في الدنيا، الدنيا حلوة عطرة والله مستخلفكم فيها فاتقوا الدنيا واتقوا النساء انتبه فإن الدنيا فتنة وزينة وربما تغر فيها هذا هو القسم الأول، اما القسم الثاني كانوا أهل العلم انظروا الى علم الإنسان لما يكون لديه علم ما يفتن بسهولة في هذه الدنيا " وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ " يعني الخيرية لمن فيهم صفتي الإيمان والعمل الصالح هذا دينا يا جماعة صفتين الذي تتحقق عنده فاز بالدنيا والآخرة هذا أسعد الناس، أهل العلم فهموا هذه القاعدة قالوا لهم ما بكم ثواب الله أفضل من هذه الكنوز والأموال والقصور كلمة سبحان الله والحمد لله ولا إله الا الله والله أكبر أفضل مما طلعت عليه الشمس من الدنيا وما فيها " الْمَال وَالْبَنُونَ زِينَة الْحَيَاة الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَات الصَّالِحَات خَيْر عِنْد رَبّك ثَوَابًا " والباقيات الصالحات هي سبحان الله الحمد لله الأذكار ركعتين آخر الليل هذه كلها أفضل من قارون وأمواله، الآن انقسم الناس قسمين وقارون متجبر لا يهمه أحد عنده خدم يخدمونه وله حراس بأمواله وعنده كنوز يعيش خالد مخلد فيها لكنه ما علم أن الإنسان في غمرة يستدرجه الله فإذا أخذه لم يفلت، فجأة والناس ينظرون اهتزت الأرض وبدأ الناس يصيحون وبدأ الذين حوله يفرون وجنوده يهربون بدأ عذاب الله فالتفت قارون لغروره لم يهرب لكبره وعتوه ما هرب مثل الجنود توقف يريد كنزه وماله يظن أنه سيحميه من الله فإذا بالأرض تنشق تحته ونزل مع كنوزه والأرض تبلعه ينادي جنوده وحراسه وخدمه ولكن ليس من مجيب " فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ " حتى القصر الذي كان يملكه خسف الله به جنوده وحرسه وكنوزه لم ينفعوه لأنه لو حل عذاب الله لا ينفعك شئ لو أتيت بأطباء الدنيا لم يمنعوا ملك الموت إذا نزل، هرب الناس وأختبأوا ورأوا كيف ابتلعت الأرض هذا الغني الثري الذي أحبه أكثر الناس وتمنوا أن يكونوا مثله، الأرض جندي من جنود الله الله أوحى لها بأن تزلزل من فوقها وتبلعه، وخرج الناس لينظروا وقالوا " وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ ۖ لَوْلَا أَن مَّنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا " الله أكبر أين أنتم من قبل بعد ما رأوا ماذا حصل بقارون أين لما كان الصالحون أهل العلم ينصحونكم ويذكرونكم ويقولون لكم أن هذه الأموال ولا شئ هذه دنيا وتزول مثل ما أعطى قارون أخذه منه مثل ما حرم غيره سيعطيهم مالك الملك " قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ " كم من غني اليوم فجأة صار مفلس ومدين فجأة رمي في السجن وكم من إنسان كان فقير والآن صار غنيا.
إخواني أنصحكم لا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض، رأيت إنسان على نعمة احمد الله واشكره على ما أنت فيه ولا تتمنى زوال النعم من إنسان وربما تكون فتنة له وأنت لا تشعر، هذا الرجل كفر نعمة الله فما أفلح الأن بدأ الندم والكل عرف الحقيقة الآن عرف الناس أن هذه الأموال لا شئ وكل الكنوز زائلة، فقراء المؤمنين يدخلون قبل أغنيائهم الجنة قبل خمسمئة سنة كل درهم يسأل عنه صاحبه يوم القيامة من أين أكتسبته وأين أنفقته لا بأس بالغنى ولكن سخر المال في طاعة الله عز وجل، نعم لا تنسى نصيبك من الدنيا لكن أحسن كما أحسن الله إليك، الله أغناك فلا تنسى الفقير ولا المسكين.
ختمت القصة بقاعدة "تِلْكَ الدَّارُالآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ " الدار الآخرة الجنة ندخل فيها من لا يتكبر في الأرض ولا يوقع الفساد فيها. قصة من أروع القصص أجعلها عبرة في حياتك والغنى غنى النفس لا غنى كثرة الأموال ولا الأرصدة نلتقيكم إن شاء الله في حلقة مقبلة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مرسلة من طرف المدون: أحمد الطيب
إرسال تعليق